كتب دينية, دراسات وفلسفة وفكر - في المخزون
يعتمدُ الوجودُ في كينونته على متلازمةِ الصّراع بين الشَّيْءِ وضدِّه (السالب والموجب... الخير والشر...)، ولا يمكنُ بحالٍ مِن الأحوال أنْ تأتيَ على الوجودِ لحظةٌ تفقدُ هذه المتلازمةُ فيها أحدَ قطَّبَيْها، فالإختلالُ في الوجودِ مردُّه إلى اختلالِ في ديناميكيّة أحدِ هذَيْنِ القطْبَيْنِ، وقد خلقَ الله الكائنَ الإنسانيّ في قطْبَيْنِ، أيْ جِنْسَيْنِ "الذَّكَر والأنثى" من الناحيةِ البيولوجية؛ لحاجةِ الوجودِ إلى التّكاثرِ البيولوجي، بالمقابل لا يعني ذلك أنَّ هذَيْنِ الجِنْسَيْنِ طُبِعَ كُلٌّ منهما منذُ الخَلْقِ الأوَّل بطابعِ قطبٍ معيَّنٍ متلازمٍ معه في الوجود، فقضيَّةٌ الأقطابِ في الكائنِ الإنسانيّ قضيّة معقّدة، وأمرُها منُوطٌ بالجِهادِ معَ النَّفسِ التي لا يعلَمُ الإنسانُ كُنْهها، وكيفَ تشكَّلَ هذا المُتلازمُ فيها!.
فآدَمُ - الكائن البشري - في القرآنِ شَكَّلَ رمزيَّةَ الخَيْرِ، بينما شَكَّلَ إبليسُ - الكائن الماورائي - رمزيّةَ الشّرّ، ولكنْ كيفَ تشَكَّلَ في نَفْسِ آدَم حُبُّ الخُلْد والمُلْك، وهو - بحسب القصة القرآنية - حديثُ العَهْدِ بالحياةِ والوجود؛ ليتحوَّلَ الكائنُ الإنسانيّ بعدَها إلى الرَّمْزِيَّتَيْنِ، وينشطرَ إلى متلازمةِ الخَيْر والشَّرّ؟ أم أنَّ قِصَّةَ الصِّراعِ حدثَتْ لاحِقاً؛ أيْ بعدَ دُخُولِ النَّفْسِ البَشَريَّةِ مختبرَ الوُجُود، واحْتِكاكِها بالقطْبِ الآخرِ؟!.