تاريخ, سياسة, دراسات وفلسفة وفكر - خارج المخزون
لم تكن ثورة ظفار (1965 – 1975) مجرّد حركة تحررية مسلحة موجّهة ضد الوجود الاستعماري في شبه الجزيرة العربية، بل كانت حركة ثورية تغييرية وتحديثية شملت أدبياتُها وبرامجُها قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة يعانيها المجتمع في عُمان وفي شبه الجزيرة العربية بوجه عام. وقد احتل البعد التربوي والتعليمي جانبًا مهمًّا من هذه الاهتمامات؛ وما تميَّز به ثوار ظفار أن مشروعاتهم التربوية لم تكن حكرًا على أي من أفراد المجتمع، بل كانت سياستهم التربوية موجهة إلى الجميع بهدف قيادة المجتمع نحو التغيير.
يتناول هذا الكتاب الأهداف التي ارتكزت عليها الفلسفة التربوية لثورة ظفار؛ وهو يبحث في العمل الجدي المنظم الذي قام به ثوار ظفار بهدف تكوين المعتقدات التربوية؛ فبعد المؤتمر الثاني لجبهة تحرير ظفار الذي عقد في حمرين عام 1968، لم تعد الثورة مجرّد تمرُّد أو حركة تهدف إلى تحرير الأرض وتغيير الحكم، بل أصبحت حركة ذات فلسفة تربوية تستهدف المجتمع برمته. وإذا كان مؤتمر حمرين قد حدّد أيديولوجية الثورة في أيلول/ سبتمبر 1968 فإن برنامجي العمل الوطني في كانون الأول/ ديسمبر 1971 وتموز/ يوليو 1974 رسما المعالم الفلسفية والعملية للثوار الشعبيين.
يمثل هذا الكتاب مرجعًا علميًا مهمًا لدراسة أحد مفاصل التاريخ العربي المعاصر، باستخدامه منهجية البحث المتكاملة، التي تمزج بين الاستبصار الفكري وأساليب العمل الميداني. وقد قامت مؤلفة الكتاب بجهد ميداني وفكري فريد لبحث موضوعٍ يتعلق بحدث تاريخي كان له شأنه ومغزاه في وقته، وهو ما يطلق عليه «ثورة ظفار»، مستندهً إلى وثائق نادرة، ومقابلات مع عدد من الشخصيات التاريخية من قيادة الثورة، في مواقع وجودهم المتباعدة جغرافيًا على المستوى العربي، ومقدِّمة في النهاية هذه الدراسة الفريدة التي يتضمنها هذا الكتاب.