أدب وروايات - في المخزون
لا أعرف لم استحضرت تلك اللحظة سفينة نوح، السفينة التي أنقذت المؤمنين من الطوفان العظيم، المؤمنون فقط من نجو بتلك السفينة، البقية غرقوا، تلك اللحظة أحسست بالخديعة، كنت مؤمنا بالإعلام الرسمي، أحسست بأننا تركنا لنغرق ولم تكن هناك سفينة تشترط الإيمان للنجاة من الطوفان أو أن تلك السفينة غادرت ولم نشعر بها، خدعتنا وتركتنا نواجه كل هذا الشك والخوف، السفينة التي آمنا بها خذلتنا كلنا، تركتنا نغرق، ندمر، نموت، لقد مرت في ساعات ذروة الطوفان وكان قائدها يبتسم بلا اكتراث، تخيلت المشهد، إنه يقهقه ويرفع إزاره عاليا ليظهر من بين ساقيه خرطوم طويل ثم يصرخ فينا " هيا تعلقوا به .. إنه سبيل نجاتكم "، حاولنا، لقد كان ذلك الخرطوم يحتاج لمواصفات خاصة لكي يتمكن من الإمساك به، كان يحتاج للقدرة على الابتسام وعدم الاكتراث أو الإحساس بالآخرين، يحتاج للكثير من النرجسية والقدرة على التلون كحرباء في كل الأوقات والأزمان .. ولم نكن نجيد تلك الصفات، رويدا رويدا كانت تلك السفينة تختفي وتخلفني مع آخرين آمنوا بها، .. عراة ووحيدين ومرضى نصارع الخوف والموت والمصداقية المتوارية بعيدا في الأفق..