أدب وروايات - في المخزون
السِّحر الأزرق مغامرة كتابية جديدة، رحلة مغايرة عن جميع الرحلات العادية، المألوفة والسهلة تلك التي يمكن أن يسافر إليها الإنسان، ليس لأنها استغرقت ثلاث سنوات من العمل الشاق والمضني في واحد من أخطر الأمكنة على حياة الإنسان فحسب، بل لأنها أبحرت نحو مكان يجهل مخاطره الناسُ ويخبر مشقته الصيادون، أولئك الذين يحاولون إطعام الناس بخيرات البحر.
لم يكتف كتاب السِّحر الأزرق بالمتعة الأدبية وحدها، بل يغامر في استكشاف منطقة لم يألف وعورتها وخطورتها الكاتب العربي، تجربة تقتربُ في أهميتها ومتعتها من تجارب إبداعية كبرى في عالم البحر، تلك التي كان البحر مكانها والصياد شخصيتها الرئيسة، رحلة بجمال سردي لم يألف القارئ تجربة مثلها، فضاؤها السردي يذكّرنا بالعجوز والبحر لأرنست همنجواي، وموبي ديك لهرمان مليفيل، وأعمال أخرى فيما يمكن تسميته بأدب البحر.
من هذه التجربة المختلفة نقرأ "هذه تجربة رحلاتي الفرديّة في صيد السمك. رحلات أبحرت فيها روحي، وعامت فيها يداي على زورق تجديف، ثم بعد دورتين أكملهما كوكبنا حول الشمس توقفت، ركنت زورق التجديف في المخزن، في المرحلة التي تلت تجربة التجديف لم يكن لدي سوى خيار واحد لأمارس الصيد، أقف على التماس مع البحر وكُلّي شوقٌ إليه، أبحث عن جرف جبليٍّ مطلٍّ على البحر، أو على ساحل رمليٍّ، أو رصيف ميناء، وأرمي بخيط الصّيد، استمر الحال هكذا دورة كاملة، وفيها أكملت الشمس دورة حول نفسها، ثم اقتنيت قاربًا مزودًا بمحرِّكٍ، ومازال قاربي يدعوني إلى البحر، ويناديني إليه".