أدب وروايات - في المخزون
قال له صديق قديم كان يزوره في نهايات كل أسبوع: عليك أن تغير مكان إقامتك، مثلك ينبغي ألا يسكن هذا المكان المتهالك. يدرك هارون الرشيد أن هذه البناية التي تقع على ضفة شارع الفراهيدي قبالة مسجد السلطان قابوس في روي، ما عادت تتحمل أمثاله إنّها بناية تئن تحت وطأة الروائح الزنخة القادمة من وراء البحار يدرك أن لديه القدرة الآن على أن يختار المكان المناسب الذي يريد، لكن المكان المناسب هو هذا المكان، فشقته هذه تذكره بأن احتمالاته ما زالت غير مضمونة تماما، كما أنها تحمل ذكريات لا يريد الاستغناء عنها، ذكريات صاخبة جدا، ذكريات أغلبها حلو لا مرارة فيه. قبل عدة سنوات فقط كان جرس الباب سيصدر نغمة مألوفة له سيبتسم حينها ، ويفتح الباب. ها هي غرايس تطل من خلف الباب، تطلّ بهية نَظرَةً، مملوءة بالحياة. ستقول له آي ميس يوا سترتمي في حضنه قليلا، وتهديه قبلةً عاشقة، قبل أن تعاتبه لأنه لم يتصل منذ يومين.