اليوم بعد أربعين عاما من تلك الرحلة الأولى انتابه شعور مبهم لم يستطع تفسيره، شعر بالملح يتسرب إلى جميع خلايا جسمه، وبطعم شديد المرارة يمتزج بروحه وقلبه، حين دخل البحر اليوم فقد الإحساس بالزهو والاعتداد الذي كان يرافقه طوال رحلاته الكثيرة والمستمرة، كان الصوت النوارع صاخبا، لمح سواد جسده في أماكن متفرقة إثر الحرارة والشمس، شعر بأن تلك الرمال التي تمتزج بجسده تثير حنقه وغضبه، ركن قاربه بعيدا، وأدرك بأنه آن الأوان ليضع عصا التراحال والتنقل بين الأمواج والمياه.