دراسات وفلسفة وفكر - في المخزون
بذلت الباحثة جهوداً كبيرة نلمسها في المصادر والمراجع العديدة باللّغتين العربيّة والإنجليزيّة التي اطّلعت عليها واستوعبت بطريقة ذكيّة مجمل ما جاء فيها من النّظريات ذات الاتّصال الوثيق بالمشروع العلميّ الذي قدّمته بعنوان: «الذّاتية في السّرد» مما جعلها تفتح العديد من الورشات العلميّة أفضت بها إلى تأصيل المفاهيم الكُبرى للذّاتيّة في الخطاب السّرديّ على الصّعيدين النّظريّ والتّطبيقيّ. كما نلمس هذه الجهود في قدرتها على ضبط المصطلحيّة المعتمدة في البحث، واستيعاب مفاهيمها، وتسييرها، وترويضها بما ضمن لها تطبيقها تطبيقاً سلساً في تحليل المتون السّرديّة، والخروج بتأويلات دلاليّة مؤسّسة.
ومن الواضح أنّ الباحثة خصّصت حيِّزاً مهمّاً من بحثها لإشكاليّة الذّاتيّة في اللّغة بالرجوع إلى النّصوص اللّسانيّة المؤسّسة؛ نذكر من ضمنها كتاب «علم الدلالة» لميشال بريال الذي يُعدُّ من الباحثين الأوائل الذين تفطّنوا للعنصر الذّاتيّ في الكلام. وخلافاً لنسبة غير قليلة من الباحثين العرب الذين عالجوا إشكاليّة التّلفظ والذّاتية في الخطاب ضمن المنجزات التي قدّمها اميل بنڤنيست في كتابه «مسائل في اللسانيات العامة» فإنّ الباحثة قدّمت مجموعة من التّفاصيل النّظريّة الهامّة مهّدت لها بالقول إنّ الاختلاف بين الأنا والأنت يندرج ضمن القضايا التي أثارها الفكر اليوناني القديم، وأفضت بها هذه الإطلالة إلى اعتبار اللّغة أبعد من أن تكون مجرّد أداة تواصل؛ وهو إقرار سيشكّل لاحقاً عماد لسانيّات التّلفظ وتداوليّات الخطاب.