شعر, دراسات وفلسفة وفكر - في المخزون
مهما قدّمتُ عن الشاعر هلال الحجري، من خلالي غوْصي في سراديب شعره، فلنْ أوَفّيَه حقّه، ولن يَرويَ ظمئي مّا قدّمتُه أو سأقدّمُه عنه. ويَرْجعُ ذلك إلى أنّ كلّ عودة إلى قصائده تثير في عوالمي معانيّ كأني أراها وأهتدي إليها لأول مرّة. فلغتُه ساحرةٌ، وأخيلتُه خصبةٌ، وموهبتُه سامقةٌ، وعالَمه الشعريُّ موهبةٌ انقادتْ إليه فأسَرّها في نفسه أوّلا، ثم أخرجها للناس بتواضعٍ جمّ، وخصال حميدة، وابتسامة لا تخلو هي نفسُها من إيحاء شعريّ.
تقود قصائد الديوان من خلال عناوينها، ومعجمها، وصورها الشعرية... إلى رغبة ملحّةٍ من الشاعر في الكشف عن رغبةٍ، والإفصاح عن حقيقة: فأمّا الرّغبة؛ فتتّضح جليّا في عشقه للحياة بكلّ ما يحمله هذا العشقُ من معانٍ سامية تُخفي وراءها غريزة لعشقٍ مدمّر يمنح النصّ الشّعريَّ أملا وألمًا عميقيْن يَظهر الشاعر فيهما، وهو يحتضن فيْضا عاطفيا غامرا... وأما الحقيقة؛ فهي حالة الانفصام التي يعيشها الشاعر في هذا الديوان مهما حاول تمويهَ القارئ لشعره بارتمائه في عالم الحبّ والهيام...
"هذا الليل لي" يجمع بين الجرأة، والإبداع، والإيحاء، ويقودُ إلى غنّوصية أفلوطينية، وإلى صوفية حُلولية، لا يعرف لذّتَها، ومُتعَتَها، وخَبَلَها، وجِنَّتَهَا، ومدّها وجَزْرها، وهدوءها وصَخَبَها، وعُلُوَّها واستفَالَها... إلّا مَنْ حَجَزَ تذكرتَهُ مُسْبقًا لِيَلِجَ عوالِمَ الكوْن اللّيْلي في هذا الديوان...