”قد يظن البعض أن ما أكتبه هنا من تصريحات واعترافات عن واقع هذه المدينة ما هو إلا جزء من المشاهدات والمناظر التي يجب على المسافر أن يفيض في وصفها عندما يقفل عائدا إلى وطنه، معبرا عن غبطته بالمتعة التي لم يحظ بها غيره ممن لم يرافقه، أو مدللا على مواقفه من كل ما مر به من أحداث خلال رحلته، أجل قد يظن أكثركم أن هذه الرحلة ليست إلا مثالا على ذلك، والحق أن الأمر هو أبعد من ذلك، إنني هنا كما ترون أسجل اعترافاتي هذه لأبين لكم ما قد شاهدته فعلا ببصري وما عاينته حقا ببصيرتي في مجتمع مختلف عن مجتمعي، لست أعني هنا اختلاف الضد وإنما أقصد الاختلاف النوعي والفكري بين حياتين وطبقتين، حياة المجتمع الأرستقراطي الذي جئت منه وحياة المجتمع العادي التي تجري فيه أحداث هذه الرحلة، أعني مجتمع الإنسان البسيط الطيب صاحب الفضائل والمروءة والأخلاق الحميدة”.